تحتاج قروضاً إسكانية بـ 2.17 مليار دينار مقارنة بـ 2.6 مليار قدّمها البنك في 10 سنوات
- عجوزات الموازنة واستنفاد «الاحتياطي العام» يقلّصان قدرة الحكومة على دعم ميزانية البنك
- العوضي: الرهن العقاري ليس حلاً للأزمة الإسكانية بل أحد أدواته
- ميرزا: السكن العمودي وتحرير الأراضي وإشراك القطاع الخاص أبرز الحلول
في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الدولة لشؤون الإسكان، أخيراً، بدء تسليم أوامر البناء في كل من مدينة المطلاع وجنوب عبدالله المبارك، يتساءل البعض عن مدى قدرة بنك الائتمان على إقراض أصحاب القسائم في تلك المدينتين، لاسيما إذا علمنا أن عدد المستفيدين في مدينة المطلاع نحو 28 ألف أسرة (أكبر عملية تسلم مشروع إسكاني في تاريخ الكويت)، وفي جنوب عبد الله المبارك نحو 3 آلاف مستفيد.
وبحسبة بسيطة، نجد أن بنك الائتمان يحتاج لنحو 2.17 مليار دينار لتمويل القروض الإسكانية لـ31 ألف طلب في المدينتين (70 ألف دينار لكل طلب)، مقارنة بقروض بلغت 2.6 مليار دينار قدمها البنك خلال العشر سنوات الماضية، ما يعني أن التمويل المطلوب للقروض الإسكانية للمدينتين الجديدتين يعادل 83.5 في المئة من التمويلات الممنوحة من «الائتمان» خلال 10 سنوات مضت.
يأتي ذلك في ما تعاني الموازنة العامة من عجوزات متتالية، مع عجز مقدر في موازنة السنة المالية الحالية يصل إلى 14 مليار دينار، وقرب نفاد سيولة صندوق الاحتياطي العام، الأمر الذي يؤثر بشكل أكبر على قدرة بنك الائتمان على توفير التمويلات السكنية المطلوبة، وفقاً لعقاريين، أكدوا لـ «الراي» أن الأمر يتطلب إيجاد حلول سريعة تكفل حق المواطن في الحصول على بيت العمر.
انعكاسات اجتماعية
من ناحيته، وصف الرئيس التنفيذي لشركة أعيان العقارية، إبراهيم العوضي المشكلة الإسكانية بالأزمة ذات الانعكاسات الاجتماعية الكبيرة، مشيراً إلى أن 91 ألف أسرة تنتظر دورها في طابور المؤسسة العامة للرعاية السكنية، فيما قدّر ما قدمه بنك الائتمان من قروض خلال العشر سنوات الماضية بنحو 2.6 مليار دينار.
ولفت إلى أن بنك الائتمان لن يكون قادراً على إقراض هذا الكم الهائل من المستفيدين في المطلاع وجنوب عبدالله المبارك، لاسيما وأن البنك يحتاج إلى سنوات طويلة لاسترداد ما يقرضه للمواطنين، منوهاً إلى أن البنك لن يكون قادراً على تلبية طلبات قروض إسكانية بهذا الحجم الكبير، طالما استمرت فلسفة التمويل وبالميزانية نفسها على مدى السنوات المقبلة، دون أن يلجأ «الائتمان» إلى الاقتراض أو إصدار سندات لسد عجز ميزانيته مستقبلاً.
وأكد العوضي أن استمرار الحال على ما هو عليه صعب جداً، خصوصاً وأن شريحة الشباب بالكويت أوسع من الكبار في السن، وبالتالي فإن حجم زيادة الطلبات التي ستقدّم للمؤسسة العامة للرعاية السكنية ستوازيها زيادة بالنسبة نفسها في الطلبات المقدمة لبنك الائتمان، مبيناً أن ما يزيد الضغوط في هذا الجانب توجيه مجلس الوزراء لأجهزة ومؤسسات الدولة بترشيد الإنفاق وعدم زيادة ميزانياتها خلال السنوات المقبلة، في ظل العجوزات المالية المتتالية بالموازنة العامة، ما يعاكس اتجاه ارتفاع عدد طلبات الإسكان، ويسهم في تعطيل تلبية احتياجات المواطنين السكنية.
ورأى العوضي أن الحل لا يكمن في قانون الرهن العقاري وحده، لأنه يعتبر أداة ضمن كثير من الأدوات التي تحتاجها الدولة لحل الأزمة الإسكانية، مؤكداً أن الرهن العقاري يجب أن يستهدف أصحاب الدخل المتوسط والضعيف، ويكون لفترات سداد طويلة وبنسب فائدة بسيطة.
تقليص النفقات
من جهته، رأى الرئيس التنفيذي لشركة عقار للاستثمار العقاري، خالد ميرزا، أن حل المشكلة الإسكانية يكمن في تغيير الفلسفة المعمول بها، وتشجيع المواطن على اختيار أنماط مختلفة من السكن، مثل السكن العمودي وفقاً لمحفزات تقدّمها الدولة للشباب للقبول بهذا النوع، إلى جانب تحرير الأراضي من قبضة الدولة وإنشاء هيئة متخصصة بأراضي الدولة، وتطوير مدن حديثة جديدة فيها مراكز حكومية وجهات عمل تشجع المواطن للذهاب إليها.
ودعا ميرزا إلى إشراك القطاع الخاص في حلّ المشكلة دون تحمل الدولة التكلفة، وتقليص التكاليف المتعلقة في تطوير البنية التحتية، بقيام الدولة بطرح أراض للبيع للمواطنين الذين لا يملكون سكناً بمناطق معينة بأسعار معقولة، لافتاً إلى أن تكلفة تجهيز الأرض الواحدة من ناحية البنية التحتية والمدارس وجميع الخدمات المتعلقة فيها تكلف الدولة نحو 100 ألف دينار.
13.6 مليون دينار شهرياً توفّرها الحكومة إذا حلّت المشكلة
قال ميرزا إن الإسراع في حل المشكلة الإسكانية في الكويت سيوفّر على الدولة نحو 13.6 مليون دينار شهرياً (91 ألف طلب × 150 ديناراً شهرياً بدل سكن) ونحو 163.8 مليون دينار سنوياً، لاسيما وأن الحكومة تتجه نحو تقليص النفقات في ظل ما تعانيه الميزانية من عجز كبير.