الإنسان كائن اجتماعي :
لا يوجد إنسان يستطيع العيش منعزلاً عن المجتمع، فكل شخص له أصدقاؤه وأقاربه وجيرانه الذين يحيطون به ويعيشون حوله، وكل إنسان يرغب في أن يعيش مرتاح البال ويتشارك الفرح والحزن مع الكثير مِن الأشخاص الذين يُحبهم ويعيشون معه أو بجواره، ويجب أن يكون كل شخص على علم بأنه مثلما يرغب في أن يحترمه الناس ويعاملونه بحب، يجب أن يعاملهم هو أيضاً باحترام وتقدير كي يَرد الناس له المعاملة بالمثِل .
يعتبر الجيران من أكثر الناس الذين تقابلهم يومياً، وحتى أنه يوجد أشخاص يجلسون مع جيرانهم أكثر مِن أهلهم؛ وذلك لأن الجار يكون قريب مِن الشخص ويراه كل يوم، وللجيران علينا حقوق ولهم واجبات فيجب أن لا يستهين أحد بحقوق الجيران ويتجاهلها، وقد اهتم الدين الإسلامي بحقوق الجار كثيراً وكان الرسول محمد صلّى الله عليه وسلّم دائماً يُوصي أصحابه بالحفاظ على حقوق الجار لِما في ذلك مِن سعادة للناس وانتشار المحبة والتسامح بينهم .
الجار :
وهو الشخص الذي يسكن في منزل مجاور لشخص آخر وفي نفس المنطقة، أو يجاورك في مكان عملك، وكل إنسان يجب أن يحرص على أن لا يؤذي أحداً وخصوصاً جاره ويحافظ على حقوق الجار كي يعيش براحة وسعادة ويوجد العديد مِن حقوق الجار التي يجب أن يعرفها الجميع كي يحافظوا عليها ويسود الاحترام بين الجيران.
حقوق الجار :
عدم إلحاق الأذى بالجار وشتمه أو ضربه أو إلحاق الأذى بأي شي مِن أغراضه التي تخّصه، أو القيام برمي القمامة على باب منزله .
رد السلام على الجار والتكلم معه بأسلوب لطيف ومهذب وعدم التعامل معه بتكبر أو تعالٍ.
عدم إزعاج الجار بكثرة الصراخ في منزلك أو تشغيل مكبرات الصوت أو موسيقي عالية.
إذا آذاك جارك فيفضل أن تتحمل هذا الأذى وتحاول أن تكتم غضبك؛ كي لا يتسبب ذلك بحدوث مشاكل بينكم، وحاول أن تتحدث مع جارك برفق كي تمتص غضبه ويتوقف عن أذيتك؛ لأنه إذا سكت على أذى جارك فسوف يكافئك الله ويزيد مِن حسناتك.
مجاملة الجار في المناسبات وإعطائه الهدايا كي يزيد ذلك مِن المحبة والألفة بينكم، ومواساة الجار في الضرّاء والفرح معه في السرّاء .
إذا لاحظت وجود عيوب في جارك فيجب أن تستره ولا تفضحه بين الناس؛ لأنك إذا سترته في الدنيا فسوف يسترك الله في الآخرة.
مساعدة الجار عند حاجته لذلك، وإذا لاحظت أن جارك فقيراً فيجب أن تتصدق عليه وتساعده بقدر إمكانياتك؛ كي يُضاعف الله لك في أجر صدقتك.
هذه كانت أهم الأمور التي يجب أن يراعيها الإنسان عند تعامله مع جاره كي يسود التآلف بينهم ويبتعدوا عن المشاكل، ولو عامل كل جار جاره بما يُرضي الله واتبعوا تعاليم الدين الإسلامي فسوف يكون ذلك سبب في تقوية المسلمين وانتشار التآخي بينهم، والجيران أنواع ويجب الإحسان لجميع أنواع الجيران، فقد يكون جارك هو أخوك أو قريبك أو شخص لا تربطك به أي قرابة، أو قد يكون جارك شخص يعتنق ديانة مختلفة عنك، فمهما كان جارك غريباً عنك أو قريباً مِنك فيجب أن تعطيه حقوقه وتعامله باحترام لما في ذلك مِن أجر وثواب لك عند الله تعالى، ويُمكن أن يؤذي الجار جاره بطرق متعددة وكثيرة وقد يكون الجار قاصداً لذلك أو قد يكون بدون قصد أو عدم علم مِنه بأهمية حق جاره عليه .
أمور تؤذي الجار :
النظر إلى الجيران وهم جالسين في منازلهم والنظر إلى عوراتهم ومحارمهم.
محاولة التنصت إلى الجار ومعرفة ما يقوله الجار ومحاولة كشف أسرارهم.
التحدث عن الجار أمام الجميع بالسوء وذِكر عيوب الجار والتحدث بكلام يسيء لسمعة الجار بين الناس.
محاولة الإفساد بين الجيران والتفوه بأقاويل وأحاديث تثير المشاكل والكره بين الجيران.
إزعاج الجيران في أوقات راحتهم ونومهم بطرق مختلفة.
إنّ مِن أعظم الأذى الذي يسببه الجار لجاره هو ترك الجار لبيته كي يتجنب الأذى الذي يسببه جاره له، فذلك عقابه عند الله شديد لأن الله تعالى أوصى بسابع جار وتوعد بالعقاب الشديد في الدنيا والآخرة لمن يؤذي جاره، ويجب أن يحرص الإنسان على اختيار جاره قبل أن يسكن داره وذلك لأسباب مختلفة.
أهمية اختيار الجار الصالح :
قبل أن يسكن الإنسان في بيته أو ينتقل إلى بيت جديد فإنّه يجب أن يسأل عن جيرانه ويعرف أطباعهم؛ كي يتجنب جار السوء ويسكن برفقة جار صالح، فالجار الصالح هو سبب لسعادة الإنسان في الدنيا، فعندما يُرزق الشخص بجار صالح يجعله ذلك يبتعد عن المشاكل ويكون جاره سند له في الضراء ويفرح معه لفرحه ويساعده عند حاجته لذلك.
يكون الجار الصالح ستراً على جاره الآخر ولا يفضح عيوبه بين الناس، ولكن إذا كان الجار سيء فإنّ ذلك يكون سبب لتعاسة الإنسان فمهما حاول تجنبه وتجنب أذاه فلن يسلم منه لأن الجار قريب مِن جاره وفي كل الظروف سوف يختلط الجار بجاره، فعندما يجد الإنسان شخصاً يضايقه ويتكلم عنه بالسوء ويفضح أسراره ويؤذيه ويضره فسوف يُسبب ذلك الحزن للإنسان والشعور بالتعاسة وعدم الراحة وهو جالس في منزله لأنه سوف يستمر بالتفكير فيما سوف يفعله جاره السيّء به أو أن جاره سوف يتنصت عليه أو يحاول أن ينظر إليه خلسه وهو جالس في بيته، فكل هذه الأمور تزعج الإنسان وتسبب له الشعور بعدم الراحة والاستقرار وقد يضطر الإنسان إلى أن يهجر منزله كي يشعر بالراحة في منزل آخر .
فكل شخص عندما يرجع إلى منزله بعد يوم عمل طويل أو يوم دراسي يرغب في أن يشعر بالراحة والهدوء في المنزل، ولكن إذا وجد المشاكل في انتظاره والأذى مِن جيرانه فإنّ ذلك سوف يجعله يفقد أعصابه وقد يتسبب في الكثير مِن المشاكل بين الجيران وقد يقوم أحد الجيران بضرب جاره أو حتى قتله، فالإنسان لا يعرف ما الذي يفعله وقت الغضب، فالكثير مِن الأشخاص لا يعرفون أن يضبطون أعصابهم في وقت الغضب ويتصرفون تصرفات يندمون عليها فيما بعد.
يجب أن يحرص الجار على أن يجتمع بجيرانه كل فترة ويخصص لهم الوقت كي يتعرّفوا على بعضهم البعض ويتبادلون الأفكار والثقافات، فعندما يتبادل الجيران الحديث ويجلسون مع بعضهم يجعلهم يستفيدون مِن خبرات بعضهم البعض ويستطيعوا أن يساعدوا بعضهم في جميع الأوقات، ويجب أن لا يُثقل الجار على جاره ويزوره في كل يوم أو أن يبقى لأوقات طويلة عنده فكل إنسان يرغب في أن يشعر بالراحة في منزله والاستقلالية، وقد يكون جارك غير جاهز لاستقبالك في أي وقت، لذلك يجب أن تستأذن جارك قبل أن تذهب لزيارته كي يخبرك إن أمكنك ذلك أم لا؟ فقد يكون جارك مُتعب ويرغب في الراحة قليلاً أو قد يكون مشغولاً في أمرٍ ما أو قد يكون جارك يرغب بالخروج، لذلك يجب أن تكون خفيف الظل عندما تريد أن تجامل جيرانك وتودهم كي يحبوك ولا يشعروا بالثقل مِن زياراتك المتكررة، واحرص دائماً على أن تكون إنسان صالح ولا تؤذي أحداً في كل مكان سواء كان في منزلك أو بالعمل أو مع الجيران.