تحوّلت القفزة الكبيرة بأسعار مواد البناء خلال الفترة الأخيرة، إلى مشروع مساءلة سياسية لوزير التجارة والصناعة الدكتور عبدالله السلمان، بعد أن وصف نواب في مجلس الأمة ارتفاع الأسعار بـ«المُبالغ فيه وغير المبرر والمصطنع» مرجعين الزيادات الحاصلة إلى غياب الرقابة، ومطالبين الوزير بكبحها ومحاسبة المتلاعبين.
يأتي ذلك، رغم تأكيد الوزير السلمان، عبر اجتماع طارئ عقده الوزير نهاية الأسبوع الماضي مع مسؤولين في «التجارة»، على الرقابة المشددة من الفرق والأجهزة المعنية والمفتشين على الأسواق لضبط أسعار مواد البناء، واتخاذ الإجراءات القانونية بحق مصطنعي الأسعار، ووضع حلول لتثبيت وأسعار مواد البناء كمنع تصديرها وفتح منافذ أخرى لاستيراد الحديد مع تسريع وتيرة الاستيراد.
هذا التحرك الوزاري - النيابي يأتي فيما تشتعل أسعار مواد البناء، في حين أن لسان حال الكثير من المواطنين يتساءل: «من سيُطفئ نيران الأسعار التي حرقت جيوبنا؟».
دفعة قوية
ويُظهر واقع السوق أن الحديث عن قرب البدء بتوزيع 31 ألف قسيمة في مدينة المطلاع ومنطقة جنوب عبدالله المبارك أعطى دفعة قوية لصعود أسعار مواد البناء، خصوصاً أن ذلك جاء متزامناً مع الأوضاع التي يعاني منها العالم بأكمله جراء انتشار كورونا، وما فرضته من صعوبات لوجستية في سلاسل التوريد والإمداد، والتي غيرت في خريطة الأسعار عالمياً.
ولعل ما أعطى وقوداً أكبر للقفزة الأخيرة بالأسعار الإنشائية موافقة الحكومة أخيراً على مشروع قانون التمويل العقاري، حيث زاد المراهنات على ارتفاع حجم الطلب على السلع الإنشائية قريباً، ما يرجح محاسبياً أن تكون تكلفة البناء على المستفيدين من توزيع قسائم المطلاع وجنوب عبدالله المبارك الأعلى تاريخياً بالكويت.
آخر المستجدات
وللوقوف على آخر مستجدات الأسعار، كان لـ«الراي» جولة على محلات عديدة مخصصة لبيع مواد البناء، إذ تبين أن طن الحديد زاد بنحو 47 في المئة من 170 ديناراً بالربع الأول من 2021 إلى 250 حالياً، فيما وصل سعر طن الحديد الإماراتي تحديداً إلى 236 ديناراً مرتفعاً بنحو 18 في المئة، بعد أن كان سعره قبل القفزة 200 دينار، ومع وجود مصنع محلي وحيد لن يكون بالإمكان تغطية الطلب المتزايد المتوقع مستقبلاً على الحديد ما يزيد المخاوف باستمرار صعود أسعاره.
وزادت أسعار الأصباغ بنحو 10 في المئة، فيما يتردد أن جميع شركات الأصباغ سترفع أسعارها مجدداً بدءاً من يونيو المقبل.
خشب ورمال
ولم يكن الحال في بقية مواد البناء مخالفاً لتوجه الحديد والأصباغ كثيراً، حيث ارتفعت أسعار الخشب بنحو 30 في المئة، كما زاد سعر الزجاج منذ بداية انتشار كورونا وحتى الآن نحو 45 في المئة، وذلك رغم وجود 10 مصانع لإنتاج الزجاج داخل الكويت، كما أنه في حال استمرت الأزمة وزاد تأثيرها على الشحن ونقص المواد الأولية، يرجح أن تستمر أسعار الزجاج بالارتفاع خلال الفترة المقبلة مع نمو الطلب أكثر فأكثر.
وزادت كلفة نقلة الرمل «النساف» خلال الفترة الأخيرة من 65 إلى 95 ديناراً بزيادة 46 في المئة تقريباً، مستغلة حركة الصعود الجماعية رغم أن المنتج محلي، لكنها سرعان ما صححت مسارها بالعودة إلى أسعارها الأولية، ربما تفادياً للوقوع في مخالفة بعد أن توعدت «التجارة» بمخالفة مصطنعي الأسعار.
أسمنت وطابوق
وللمفارقة أظهرت جولة «الراي» أن سعر طن الأسمنت العادي انخفض من 20 إلى 15 ديناراً والمقاوم من 21 إلى 16 ديناراً، بينما لم تتغير أسعار الطابوق منذ فترة طويلة بسبب المعروض الكبير وسط قلة المشاريع الإنشائية الجديدة في الدولة، إضافة إلى تعدد مصادر الاستيراد، في الوقت الذي حذّر البعض من أن تطبيق قانون الإغراق سيزيد التكلفة بنحو 68 إلى 70 في المئة على الشركات، الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع حتمي للأسعار على المستهلكين.
أسعار الألمنيوم
وصعدت أسعار الألمنيوم نحو 15 في المئة بالربع الأول، حيث زاد سعر الطن من 900 إلى 1050 ديناراً، فيما أفاد مديرو شركات متخصصة أن نمو الأسعار منذ يناير 2020 وحتى الآن بلغ نحو 27.27 في المئة من 825 ديناراً للطن إلى 1050 ديناراً، عازين ذلك لارتفاع أسعار الخام بالبورصة العالمية، إلى جانب صعوباته اللوجستية، حيث تسورده الكويت من قطر والبحرين والإمارات.
وبيّنوا أن ارتفاع الأسعار الإنشائية سيظهر بقوة في فاتورة المستهلكين، خصوصاً أصحاب القسائم الجديدة في المطلاع وجنوب عبدالله المبارك، متوقعين استمرار زيادة الأسعار انسجاماً مع صعود الطلب المتوقع مع بدء مرحلة البناء في المدينيتن ما لم تتخذ خطوات جادة تكبح المسار الصعودي للأسعار.
100 في المئة ارتفاعاً بـ «الصحية»
ارتفت أسعار مواد عديدة ذات علاقة بالإنشاء، في مقدمتها المواد الصحية التي سجلت في الفترة الأخيرة زيادات سعرية بنحو 100 في المئة، فيما صعد سعر خزان المياه بسعة 1500 غالون من 200 إلى 235 ديناراً نظراً لارتفاع أسعار المواد الأولية الداخلة في تصنيعه، في حين لا تزال أسعار الرخام مستقرة حالياً حيث تراوح بين 15 و400 دينار على حسب نوعية الرخام وجودته. كما نما سعر علبة المسامير من 1.750 دينار إلى 3.750 دينار.
«كورونا» قفز بأجور العمالة
أوضحت مصادر أن مغادرة الآلاف من العمالة الوافدة خلال فترة جائحة كورونا انعكس سلباً على السوق المحلي، خصوصاً في ما يخص قطاع البناء والإنشاءات، الأمر الذي دفع إلى ارتفاع أجور العمالة العادية بنحو 30 في المئة إلى 12 ديناراً باليومية، والعمالة الفنية المتخصصة بنحو 50 في المئة إلى 20 ديناراً، ما سينعكس جلياً على المواطنين الراغبين ببناء بيت العمر.